Admin Admin
عدد المساهمات : 283 نقاط : 852 تاريخ التسجيل : 07/07/2012 العمر : 44 الموقع : غزة
| موضوع: تفاصيل صغيرة مذهلة.. ماذا تعرف عن دلالات زوايا التصوير السينمائي الثلاثاء نوفمبر 12, 2019 9:23 pm | |
|
هل فكرت يوما إلى رمزية الإتجاهات في الأفلام السينمائية؟ هل فكرت في دلالاتها النفسية المحسوبة جيدا سواء في تمثيل الفيلم أو وقعها على المشاهدين؟! أو هل ركزت يوما في شكل الكراسي في الفيلم ودلالة كل منها وتناسقها مع سياق سيناريو كل مشهد؟ العمل السينمائي هو عمل متكامل كل تفاصيله لها أبعادها المحسوبة بدقة والتي تلعب دورا مهما جدا في إكتمال العمل الفني وتوصيل الرسالة بطريقة غير مباشرة.
تقريبا في كل الأفلام التي شاهدناها جميعا يقابل بطل العمل لحظات لابد له من القيام بإختيار لا رجوع عنه، ويكون هذا المشهد عادة هو المشهد المحوري بالفيلم. وعادة ما تكون هذه اللحظة الحاسمة التي ينتظرها الجمهور، ولكن كيف يستطيع المخرج إظهار إختيار الشخصيات للخير أو للشر؟ الإختيار الصحيح أو الاختيار الخاطيء؟!
ننسى عادة إن اتجاه الشاشة هو أداة من أدوات السينما وأن الاختيار الذي يجب أن تقوم به الشخصية قد يكون بمجرد النظر باتجاه معي
يمين أو يسار، فقط هذه هي الوسيلة التي يستخدمها المخرجون!
ننسى عادة إن اتجاه الشاشة هو أداة من أدوات السينما وأن الاختيار الذي يجب أن تقوم به الشخصية قد يكون بمجرد النظر باتجاه معين.
لنأخذ مثال فيلم snowpercers والذي كان يتمحور حول فكرة ركاب قطار، طوال فترة الفيلم اعتمد المخرج على أن يسار الشاشة هي أخر القطار ويمين الشاشة هي أمامه، وينقل المشاهدين تدريجيا من اليسار لليمين أي من أول القطار لآخره. في الحقيقة يمكنك أن ترى هذا الفيلم على أنه قصة شخص يعتقد أن عليه متابعة التقدم للأمام وكل ما يعيق حياته وتقدمه يوجد خلفه أي في يسار الشاشة.
كل قرار يواجهه هو تباين بسيط بين الإتجاهين، يمين أو يسار، أحيانه تراه يتراجع ناحية اليسار بعد فترة من تقدمه ناحية اليمين. وعندما يصل أخيرا لنهاية رحلته يواجه شخص آخر يدفعه للأمام ويعطيه خيارا نهائيا بين اليمين والاتجاه لأعلى أو اليسار والاتجاه للأسفل!
مع أن الفيلم يعتبر فيلم دموي جدا وعنيف ولكن معظم خيوط القصة لم تكن في مشاهد طويلة أو دموية، لم تكن سوى مجرد أفكار بصرية بسيطة، لذلك في المرة المقبلة التي يقف بطل فيلمك أمام قرار صعب فربما تكون الإجابة مجرد نظرته إما يمينا وإما يسارا!
ماذا عن الكراسي إذا في السينما؟ هل لشكل الكرسي بكل مشهد مدلول مختلف فعلا؟! إليكم هذا السؤال الغريب، هل سبق وشاهدت مشهدا ما وفكرته بأن الكرسي الموجود بالمشهد كرسي مميز ورائع حقا؟! هل فكرت في الشخص الذي فكر وقرر أن ذلك الكرسي تحديدا سيكون رائعا في هذا المشهد وسيناسب أحداث القصة تماما؟!
في الأفلام الكرسي ليس مجرد كرسي!، إنه جزء أساسي من تصميم الإنتاج. ونوع الكرسي الذي تختاره سيخبر المشاهد شيئا ما عن الشخصيات والعالم الذي يعيشون به أو حتى عن حالتهم النفسية! فلنتخيل إنك كتبت قصة بالفعل، هل تحتاج لكرسي معين لكي يحول قصتك إلى فيلم؟
الاستخدام الأكثر شيوعا للكراسي إنه امتداد طبيعي للعالم الذي نعيشه ونتعامل معه يوميا، الكراسي جزء أساسي في حياتنا جميعا. المشاهد بنظرة واحدة على الكراسي في مشهد الفيلم يستطيع تمييز ما إذا كان هذا العالم مرتبا ومضيئا أو عشوائي وخرب. إن كانت الشخصية المحورية في القصة فقيرة أو غنية، كرسي لشخص عادي او كرسي لملك ذي سلطان، عرش ملك مسالم ام عرش لملك دموي، الكراسي في الأفلام تمكنك من فهم الكثير عن الشخصيات.
استخدام أخر للكراسي وهو الإستخدام الأقل شيوعا هو استخدام الكرسي كامتداد لشخصية معينة، مثلا لدينا شخصية في القصة ضعيفة متزعزعة تحاول أن تتعالى على الآخرين فستجده يستخدم كرسي أعلى من كراسي من حوله ليظل ينظر لهم بدونية طول الفيلم فتصل لك الفكرة دون شرح. بمعنى آخر يمكن للكرسي أن يعبر عن نفسية الشخصية، إن كان مغرورا أو غير مستقر. وحتى في أفلام الرسوم المتحركة غالبا ما ستكون كراسي الشخصيات تشبه أبعاد رسم الشخصيه نفسها!
هل شاهدت فيلم UP؟ هل لاحظت أن كرسي البطل "كارل" كان مربعا مثل تكوين رأسه بينما كان كرسي “ايلي" دائري يشبه تكوين رأسها؟! حتى بعد أن ماتت ظل كرسيها يذكر المشاهد بها في أي مشهد يظهر الكرسي به. الاستخدام الثالث للكرسي هو الخيار الأكثر جرأة، أن يكون الكرسي إمتداد للموقف نفسه.
في هذا المشهد من "العراب" الجزء الثاني، لاحظ كيف يحاول "فريدو" الوقوف لكن كرسيه لا يسمح له بذلك.و كلما زاد غضبه كلما عجز أكثر عن الوقوف. في هذا المشهد يصيح فريدو إنه الأخ الأكبر ولكنه واقعيا الأخ الضعيف العاجز وكأن الكرسي قام بتمثيل كل هذه الأحاسيس دون أن يتكلم أخيه الأصغر!
هذا ما يستطيع أن يقدمه لك التصميم الإنتاجي الجيد والمحترف، التفاصيل الصغيرة التي تدعم قصتك وفيلمك بطريقة سهلة ومميزة وغير متوقعة. لذلك في المرة القادمة وأنت تشاهد فيلما سينيمائيا فكر في معاني أعمق للاتجاهات والكراسي المستخدمة بكل مشهد، صناعة الأفلام وإخراج القصة من رواية مكتوبة لمشاهد يتم تصويرها لتخرج لك في منتج نهائي يرضي عقلك ليس بالأمر السهل وكل تفصيلة تشاهدها عينيك محسوبة بدقة ولها علم كامل يتم تعليمه في معاهد السينما والإنتاج والتصوير والإخراج.
مي يوسف
كاتبة ومترجمة مصرية
| |
|